منتدى القرآنيين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
avatar
Admin
Admin
المساهمات : 150
تاريخ التسجيل : 14/01/2019
https://bennour3.ahlamontada.com

حلق الرأس والحج  Empty حلق الرأس والحج

الإثنين يناير 14, 2019 5:14 pm
إن حلق الرأس ليس من أركان الحج ولا من فرائضه ، ولم يأمرنا الله به ، والذي بينه الله أنه لا يجوز حلق الرأس إذا كان هناك إحصار عن المسجد الحرام ، أي إذا منع الناس من الدخول للمسجد الحرام ولم يصل الهدي إليه فلا يجوز لهم حلق رؤوسهم حتى يصل الهدي المسجد الحرام ، لقوله سبحانه ( ... فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله ... ) ومحل الهدي هو البيت العتيق لقوله سبحانه عن الأضحية ( ... لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ، ثم محلها إلى البيت العتيق ... ) فما لم تصل البيت العتيق فلا يجوز لأحد أن يحلق رأسه ، وحلق الرأس هو مظهر من مظاهر الأمن والسلام ، فالمنع الذي ذكره الله في هذه الآية جاء خاصا بظروف الخوف واللا أمن ، ويظهر ذلك من خلال ما جاء تبعا للآية السابقة من قوله سبحانه ( ... فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي ... ) فقوله ( فإذا أمنتم ) يدل على أنهم لم يكونوا في أمن أي كانوا في خوف ، وهذه الحالة لا يستقيم معها مظهرا كحلق الرأس الذي هو مظهر من مظاهر الأمن والسلام ، فلما يكون الأمن والسلام يكون هذا العمل جائزا ، وهو ما نجده واضحا في قوله سبحانه ( ... لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرامآمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون ... ) أنظر إلى قوله ( آمنين ) وانظر إلى قوله ( لا تخافون ) كلاهما تدلان على الأمن والسلام ، وفي هذه الحالة جاء ذكر حلق الرؤوس متماشيا مع هذا الظرف ، إذن فحلق الرؤوس مرتبط بالأمن والسلام ، ففي الآية الأولى لما كان الخوف موجودا جاء تحريم حلق الرأس ، وفي الآية الثانية لما ذهب الخوف وحل الأمن والسلام جاز حلق الرأس ، إذن فحلق الرأس مربوط بالأمن والسلم .

إن كل ما يمكن أن يفعله الناس في الحج يتمثل في الآية التالية ، فهي جامعة شاملة كاملة ، وملمة لكل أعمال الحج ، يقول سبحانه ( ... وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ، لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ، ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ... )
( وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ) لماذا ؟
ــ ليشهدوا منافع لهم
ــ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَام
ــ ثم ليقضوا تفثهم
ــ وليوفوا نذورهم
ــ وليطوفوا بالبيت العتيق
كل ما يمكن أن يفعله الحاج تجده في البنود السابقة ، ولنأخذ الآن حلق الرأس ، فالبند الذي يحوي حلق الرأس من البنود السابقة ، هو قوله سبحانه ( ... ثم ليقضوا تفثهم ... ) فحلق الرأس يندرج تحت هذا البند .

ب ) قضاء التفث
في قضاء التفث نجد حلق الرأس ، ونجد تقصير الشعر أيضا لقوله سبحانه ( ... لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين ، محلقين رؤوسكم ومقصرين ...) فهناك الحلق وهناك التقصير ، أي تقصير الشعر ، وهذا يبين أن الحالة هذه حالة تجميل ، حيث أن الالتفات إلى الشعر بحلقه أو بتقصيره هو مظهر من مظاهر التجميل ، وهو ما يعرف حاليا [ بصالونات الحلاقة ] وبالتالي فإن [ قضاء التفث ] هو الحمل على النظافة والتنظيف بصفة عامة ، حيث أن الحجاج وهم يأتون من كل حدب وصوب ، ومنهم من يستغرق في رحلته إلى الحج الشهر والشهرين والثلاث حسب بعده عن المسجد الحرام ، وهذا في الوقت الذي كان ينزل فيه القرآن ، أي لما كان السفر على الأرجل والدواب ، ففي ظروف مثل هذه ، يصل الحجاج إلى البيت الحرام وهم في حاجة ماسة إلى النظافة ، نظافة عامة تشمل كل الجسم ، ومنها الرأس ، الذي يكون فيه الشعر قد تغوفل خلال هذه الفترة الطويلة من السفر ، مما يحتاج للحلق أو التقصير حسب رؤية الفرد للجمال ، كيف يرى الجمال في رأسه ، وحتى الأظافر تصبح طويلة في فترة سفر مثل هذه ، وغير ذلك من الأمور ، وهذا هو التفث ، وقضاء التفث هو النظر لهذه الأمور من تحسينها ، وحلق الرأس هو جزء منها ولا تظنن أن أصحاب العمائم لا يهتمون برؤوسهم ، فكل الناس تهتم برأسها ، فالذي يعمم رأسه مثلا ، فإنه ينظر إلى عمامته ، ويختار الجميل منها ، ولا يلفها خبط عشواء ، بل يدخل التحسينات في لفها ، والمقدمة تأخذ التحسين الأكبر ، ومنهم من يمزج بينها وبين شعره ، فيطيل شعره ليظهر خارجها ، وهذا كله عندما يريد الخروج من الانفراد إلى الظهور للغير ، وكلما كان الظهور مهما كلما زاد الاهتمام للتجميل والتحسين ، وكلما قل الاهتمام قل ذلك أيضا ، فالقابع في بيته لا يظهر للمجتمع قد يترك رأسه كما قام من النوم أول مرة ، وحتى إذا لم تكن تحب الجمال فعليك أن تتجمل حتى لا يقال ، فقضية التجميل هذه تمس كل البشرية ، مؤمنها وكافرها ، صغيرها وكبيرها ، وحتى الملوك لم يروا شيئا يكفيهم إلا أن يضعوا على رؤوسهم ما هو أفخر ، تاجا من فيز ولو كان ثقيلا ، إذن فالتجمع والتجمهر حافز كبير للاهتمام بالرأس ، والحج لما فيه من التجمع والتعارف فهو أحد هذه الدوافع والحوافز ، وبما أن الالتفات إلى الشعر من حلقه أو تقصيره يعتبر من مظاهر الزينة المتقدمة التي تبعث على الأمن والسلام فإن تحريمه كان ضروريا في ظروف الخوف وعدم السلام ، إذ لا يمكن أن تلتفت إلى شعرك وقد منعت من الوصول إلى البيت الحرام ، وفعل مثل هذا يظهر للأعداء الذين منعوك عن المسجد الحرام أنك راض وغير متأثر بهذا المنع ، فحلق الرأس ليس من فرائض الحج ، فلو كان حلق الرأس من العبادات أو من فرائض الحج أو مما يتقرب به إلى الله ما منعه الله ، فانظر مثلا إلى الهدي أي ألأضحية ، فيجب أن تصل إلى البيت الحرام وتقدم هناك ، ولا يجوز تقديمها في مكان آخر ، ولكن إذا كان هناك إحصار يمنع من وصولها إلى البيت ، فإن الله قد أجاز تقديمها حيث يكون الإحصار ، ولم يحرم ذلك ، وهذا ما جاء في قوله سبحانه
( ... فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ... ) فانظر كيف أن الهدي لم يحرم ، لأن ذلك من القربات ، وذلك من فرائض الحج ، فكل ما هو عبادة كالوضوء والصلاة والذكر وتقديم الأضحية وغير ذلك من التقربات لم يحرمه الله عدا حلق الرأس ، إذن فالفرائض كلها تقام ما أمكن ذلك ، أما حلق الرأس فمثله مثل الجماع مثلا ، فقد حرم الله الجماع في الحج وحرم حلاقة الرأس لظروف معينة ، والكل جائز خارج التحريم وليس فرض ، فلا الجماع ولا الحلاقة من فرائض الحج .

ج ) النهي لا يعني الأمر
عندما ينهى الله عن شيء لوقت معين فلا يعني ذلك أنه إذا انقضى ذلك الوقت يصبح الشيء مأمور به ، بل الذي يعنيه أنه قد أصبح جائز ، ومثل ذلك ما ذكرناه من النهي عن الجماع ، فقوله سبحانه ( ... الحج أشهر معلومات ، فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ، ولا فسوق ولا جدال في الحج ... ) فالرفث الذي هو الجماع قد نهى الله عنه في الحج ، وهذا لا يعني أنه إذا انقضى الحج يصبح الجماع أمر يجب تنفيده ، بل الذي يعنيه أن الجماع يعود إلى حالته الطبيعية ، ولنأخذ مثالا آخر ، كقوله سبحانه ( ... ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ... ) فقد نهى الله عن نكاح المشركات حتى يتوفر ظرف الإيمان فيهن ، فهذا لا يعني أنه إذا آمنت مشركة يتحول النهي إلى أمر يجب تنفيده فيجب الزواج بها ، بل الذي يعنيه
أن الأمر يصبح طبيعيا ، فيصبح الزواج بها جائزا مثل سائر المؤمنات ، أي أن الأمر بعد رفع التحريم يعود إلى حالته الطبيعية ، ومثل ذلك أيضا قوله سبحانه ( ... فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن ...) فهذا لا يعني أن النهي يتحول إلى أمر يجب تنفيده بعد زوال المانع ، بل الذي يعنيه أن الأمر يعود إلى حالته الطبيعية عندما يزول المانع ، ونفس الشيء في حلق الرأس ، فقوله سبحانه ( ... ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله ... ) لا يعني أن النهي عن الحلق يتحول إلى أمر به عندما يزول المانع ، بل الذي يعنيه أن الحلاقة تعود إلى حالتها الطبيعية ، لذا رأينا أن هناك من يحلق وهناك من يقصر كما هو طبيعي ومعروف في الحياة الاجتماعية ، إذن خلاصة القول ، أن حلق الرأس ليس من أركان الحج ولا من فرائضه .

ملاحظة
إن في زماننا هذا ، زمان السرعة ، حيث يمكن للحاج أن يصل من ساعته إلى البيت الحرام ، فإن مثل [ قضاء التفث ] يختفي تماما لعدم وجود [ التفث ] في حد ذاته ، ومن أراد أن يفعل فله ذلك .

الكاتب : بنور صالح
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى